الأسواق الشعبية بين تجربة الماضي وعشوائية الحاضر في مدينة غريان
الملخص
تظلّ الأسواق واحدة من أهم عناصر تخطيط المدينة، وتلعب دو ا رً بار ا زً في الجانب الاقتصادي والاجتماعي للمدينة. ومنذ القدم، كانت
الأسواق تمثل جزءاً حيويًّا مهمًّا من المدينة الإسلامية، ومركز الفعالية الاقتصادية والاجتماعية فيها، وغالباً ما كانت تُعدّ معيا ا رً في حجم المدينة
وأهميتها، لما كان لها من أدوار اجتماعية ودينية وثقافية وسياسية متفاوتة التفاعل، فضلاً عن وظائفها التجارية المباشرة .
تستشف الد ا رسة قيمتها من مستوى أهمية العنوان "الأسواق الشعبية بين تجربة الماضي وعشوائية الحاضر في مدينة غريان"، وتكمن حدود
البحث المكانية في منطقة الد ا رسة متمثلة في مدينة غريان بليبيا؛ وتتطرق الد ا رسة للموضوع عبر سرد لماضي السوق الشعبي في المدينة، وما آل
إليه الحال في الوقت الحاضر من إهمال وعشوائية، والآثار السلبية الناتجة عن عدم توفير الف ا رغات والمساحات وتطوير السوق، من انتشار البيع
العشوائي، وانفصال السوق من سوق موحد لجميع البضائع من مواشٍ وخضروات ومصنوعات حرفية وغيرها، إلى عدة مواقع تختلف في نشاطها
التجاري، وكذلك اندثار بعض النشاطات التجارية .
تكاد منهجية الد ا رسة تغلب عليها الميدانية والتدوين الشفهي الذي يستنفر ذاكرة المدينة، فمن المنهج الوصفي التاريخي إلى التقصي
والملاحظة والمقابلات مع شخصيات من تجار ومثقفين ومختصين وشخصيات عامة بالمدينة، ثم عرض تحليلي مقارن بين السوق الشعبي القديم
بمدينة غريان وسوق الخضروات الحديث، ومدى توافقهما مع الضوابط والشروط الخاصة باختيار مواقع الأسواق الشعبية وفقاً لدليل تخطيط
الأسواق. ونتج عن الد ا رسة مجموعة نتائج تعكس فقدان المدينة للموروث الثقافي والمعماري، وانتشار التل وث الوظيفي والبصري والبيئي، وانتشار
العشوائية والفوضى في الشارع التجاري بالمدينة، لتوصي الد ا رسة بضرورة إعادة هيكلة السوق الشعبي بالمدينة بحيث يكون سوقاً متكاملا شاملاً
لجميع البضائع، يتوافق مع المعايير الإرشادية والتخطيطية للأسواق الشعبية، ويكون معلماً معمارياً يعكس هوية المدينة .